التنظيم القانوني لإنشاء وانهاء علاقة العمل

 التنظيم القانوني لإنشاء وانهاء علاقة العمل



لقد عرفت فكرة الارتباط العقدي كأداة للتوفيق بين مصلحتين متقابلتين، منذ القدم، فكان عقد العمل يقوم بـين العامل و رب العمل بموجب شروط يضعها المستخدم و يقبلها العامل، حتى و لو كانت مجحفة، دون أن يكـون له اعتراض ما دام أنه سيضمن قوته و رزقه. ثم أصبح العامل و المستخدم في فترة لاحقة يخضعان فـي ظـل النظام الجديد لعلاقات العمل، للشروط التي تتضمنها الاتفاقيات و الاتفاقات الجماعية التي يعملان على وضـعها معا، قصد ضمان السير الحسن للمؤسسة المستخدمة. 

و بموجب ذلك تكون للمستخدم سـلطة الإدارة و الرقابـة و الإشراف، و يكون العامل تابعا له، على أن تقترن هذه السلطة بسلطة التأديب، حيث تختلف العقوبة التأديبية حسب الخطأ الذي يرتكبه العامل و المؤدي إلى خرق نظام المؤسسة التي يعتبر مسؤولا عن حسن سير نشاطها

و إذا كان من المسلم به أن القواعد القانونية هي في الأساس قواعد اجتماعية، إلا أن الواقـع الاجتمـاعي يتأثر بالتطورات الاقتصادية و يؤثر عليها في ذات الحين، لذلك يتعين بموجبه العمل على تجانس هـذه القواعـد مع ما يتماشى و استقراره. و هو ما أكدته الإحصائيات المجراة على اجتهادات المحكمة العليا سيما خلال الفتـرة ما بين 1985 و 2001 ،حيث تبين أن القضاء يميل إلى تفسير عقد العمل لا تأسيسا على التفكير القانوني الـذي يحكم المادة المدنية فحسب، بل كذلك على ما تتمخض عنه التطورات الاقتصادية

و قد حاول المشرع الجزائري منذ سنة 1990 تكييف النصوص القانونية المتعلقة بتشـريعات العمـل .و قد راعى في ذلك الظروف الاجتماعية للعامل، باعتبـاره الطـرف السياسة الاقتصادية التي انتهجتها البلاد الضعيف في العقد، من جهة و الأحوال المادية للمستخدم، و سعيه إلى دعم وجود المؤسسة و ازدهارهـا ، مـن جهة ثانية، فكرس فكرة الفصل بين المؤسسات الاقتصادية العمومية و الخاصة من جهة و بين قطـاع الوظيـف العمومي من جهة أخرى، و من ثمة العودة إلى مبدأ الفصل بين مجال تطبيق قانون العمـل و مجـال تطبيـق القوانين الإدارية الأخرى. كما جعل علاقة العمل علاقة تعاقدية مجسدة في عقد العمـل الـذي يعتبـر المنشأ الأساسي لالتزامات و حقوق طرفيه، و عوضت القوانين الأساسية الصادرة بموجب نصوص تنظيمية مركزيـة باتفاقات جماعية يعدها كل قطاع، و اتفاقيات جماعية للمؤسسات، حيث تخضع هذه الأخيرة للأولـى . فوضـعت أحكام خاصة لتنظيم علاقة العمل و تكريس احترافية العمال، وأصبح للمستخدم إمكانية اختيار العامل الكفؤ فـي أداء العمل، و ذلك بإخضاعه لفترة تجربة، يثبت بعدها إذا انتهت بنجاح. 

كما حاول إضفاء الطابع التعاقدي علـ ى علاقة العمل، و حاول وضع معالم هذا النوع من علاقة العمل، فحصر الأعمال التي لا تتطلب اسـتمرارية فـي أدائها، وجعل مدة العقد تتناسب و نوع ومدة العمل المؤدى، بين عقد عمل محدد المـدة و عقـد عمـل غيـر محددها، و هذا للحد من رغبات وأهواء المستخدمين، وحذا حذوه القاضي الذي أعطـى تفسـيرا ضـيقا لهـذه المعايير.


تعليقات