الطعن بالتزوير في المحررات العمومية:
المحرّرات الموثقة من أھم المحررات الرسمیة بل
أھمھا على الإطلاق إذا ما استثنینا بعض المحررات الصادرة عن بعض المرافق العامة كأحكام المحاكم، ھذه الأھمیة إنما اكتسبتھا من الثقة المفترضة في الموثق والممنوحة له بموجب نصوص قانون تنظیم مھنة التوثیق،ھذه الثقة لا یمكن ھدرھا بسھولة، ولھذا أقر المشرع الجزائري طریقا وحیدة للوصول إلى ھذه الغایة ھي طریق الطعن بالتزویر؛ حیث تنص المادة 324 مكرر 05 من القانون المدني على أنه لا یمكن الطعن فیم تضمنه العقد الرسمي إلا بطریق الطعن الفرعي بالتزویر دون أن یقرر إمكانیة اللجوء إلى دعوى تزویر أصلیة والمعلوم أن القانون المدني لا یتضمن إلا القواعد الموضوعیة التي تحكم المعاملات،أما القواعد الإجرائیة فمجالھا قانون الإجراءات المدنیة الذي تضمن فعلا نصوصا نظمت الطعن بالتزویر، غیر أنھا كانت غامضة أحیانا وقاصرة أحيانا أخرى
شروط قبول الإدعاء بالتزویر في المحررات الموثقة
إن إسقاط حجیة المحررات
الرسمیة، بحسب ما ورد في المادة 324 مكرر 05 من القانون المدني، لا یمكن أن یتأتى
إلا عن طریق الطعن فیه بالتزویر، ونظرا للأھمیة الكبرى للمحررات الرسمیة عامة،
والموثقة على وجه الخصوص، باعتبارھا أكثرالمحررات الرسمیة تداولا وأوسعھا نطاقا،
نظم المشرع الجزائري في قانون الإجراءات المدنیة طریق الطعن بالتزویر، ولم یسمح
بممارسته إلا عن طریق الدعوى الفرعیة؛ بحیث خصص لھا المواد 79 و 80 والمواد من 155
إلى 164 من ھذا القانون، وحدد لھا شروطا خاصة لابد أن تتوفر إلى جانب الشروط
العامة المقررة في قبول الدعاوى بصفة عامة، والمنصوص علیھا في المادة 459 من قانون
الإجراءات المدنیة
الشروط العامة لقبول الإدعاء الفرعي بالتزویر:
من المقرر قانونا، بنص المادة 459 من القانون المدني، أنه لا تكون الدعوى مقبولة
أمام القضاء ما لم یكن صاحبھا حائزا لصفة ومصلحة وأھلا لمباشرتھا، كما من المقرر
أیضا أن الدعوى لا ترفع إلا أمام المحكمة المختصة بھا، سواء من حیث المكان أو من
حیث نوع النزاع موضوع الدعوى، ھذا الموضوع یثیر جدلا ونقاشا حادین بین الدارسین
لدعوى التزویر الفرعیة في قانون الإجراءات الجزائري.
شرط المصلحة في الإدعاء بالتزویر:
الإدعاء بتزویر محرر موثق
قدم كدلیل في دعوى رفعت إلى القضاء المدني، یقدم طبقا لإجراءات رفع الدعاوى
المقررة في المواد 12 وما بعدھا من قانون الإجراءات المدنیة، والمعروف ألّا دفع
ولا دعوى دون مصلحة ، ومن المعروف فقھا، والمقرر قانونا وقضاء في الجزائر، أن
الادعاء بالتزویر من الدعاوى الفرعیة، وكل دعوى إنما تبنى على صفة وأھلیة ومصلحة
بحسب نص المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية
وبالتالي فللخصم الذي
یحتج علیه بالمحرر أن یطعن بالتزویر في الدعوى المقدم فیھا ھذا المحرر كدلیل
إثبات، إذا كانت له صفة الخصم في الدعوى الأصلیة وفقا لمقتضیات المادة 79 من قانون
الإجراءات المدنیة؛ سواء كان خصما أصلیا أم خصما مُدخلا أم متدخلا ، كما لخلفاء
ھؤلاء الخصوم أیضا أن یطعنوا بالتزویر في المحررات الموثقة المقدمة كأدلة في
المنازعات القضائیة المرفوعة ضدھم أو التي تمس حقوقھم
كما أنه من الجائز لمن
تقدم بالمحرر الموثق كدلیل، أن یطعن فیه بالتزویر إذا بدا له ذلك بعد تقدیمه في
الدعوى، لیحول دون خصمه والدلیل الذي یمكن أن یستخلصه المحرر، إذ یجوز لخصمه أن
یستفید من المحرر على حالته التي قدم علیھا، وعندئذ لمن قدمه أن یطعن فیه إذا
اكتشف أن به تزوير .
إذا فالطاعن بالتزویر، ھو
الشخص الذي یحتج علیه بالمحرر، والذي یكون إما الطرف المدین أو الطرف الدائن، كما
قد لا یكون طرفا في المحرر، على اعتبار أن المحررات الموثقة لھا صفة الرسمیة ،
ویحتج بھا على الكافة حتى الغیر، وعندئذ لھذا الغیر أن یطعن بالتزویر مادام
شرط المصلحة متوفر فیه و له صفة الخصم في الدعوى الأصلیة.
كما لا یشترط أن یكون
المطعون ضده بالتزویر ھو الموثق الذي حرر الورقة المطعون فیھا، بل قد یكون غیر من
قدمھا، وغیر من حرّرھا، كما قد یكون الموثق ذاته ھو الطاعن بالتزویر.
ولا عبرة أیضا بعلم
المطعون ضده بالتزویر أو عدم علمه، ولا بحسن نیته أو سوءھا، فكل ذلك سواء، لأن
الطعن إنما یقصد به التجریح في المحرر قصد استبعاده كأداة یمكن أن تستنبط منه أدلة
ثبوتیة. أما غیر الأطراف، فلا یحق له أن یطعن في المحرر المقدم في
الدعوى الأصلیة بالتزویر ما لم یكن طرفا فیھا، فإن كان غیر ذلك، فلیس له إلا أن
یسلك الطریق الجزائي بطرح شكواه أمام الجهة المختصة، أو أن یطعن في الحكم المبني
على المحررالمزور بطریق اعتراض الغیر الخارج عن الخصومة، وفقا لمقتضیات المادة 191
من قانون الإجراءات المدنیة وما بعدھا، إذا كان ھذا الحكم قد ألحق به ضررا.
وقت تقدیم الادعاء بالتزویر:
یعتبر الادعاء الفرعي
بالتزویر دفعا موضوعیا في الدعوى الأصلیة، ولذلك یصح تقدیمه في أي وقت وأیة حالة
تكون علیھا الدعوى، ولو لأول مرة أمام المجلس القضائي، ولیس في ذلك تفویت لفرصة من
فرص التقاضي على أحد؛ لأن الادعاء الفرعي بالتزویر ینصب على مستندات الدعوى
الأصلیة، فضلا عن كونه طلبا عارضا یقصد به اجتناء مصلحة ومنفعة مع رد دعوى الخصم
ودفعھا.
غیر أنه یجب أن یحصل
الإدعاء بالتزویر قبل قفل باب المرافعات، فلا یقبل بعد ذلك، وإذا حصل التمسك به
بعد حجز الدعوى للنظر وقفل باب المرافعة، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإعادة القضیة
إلى الجدول، وفتح باب المرافعات قصد تقدیر قبوله والسیر في إجراءات التحقیق فیه،
ولھا أن تفعل ذلك إن رأت له موجبا.
